أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 مارس 2009

من جريدة النهار - شاهد عيان
سماحة السيد القائد،
في صباح الاقتحام، ومن تحت القناع (ولا ادري لماذا الاختباء؟) رماني احد المجاهدين 'بعبارة' من سجيل، جعلتني كعصف مأكول: 'فوت لجوّا يا ابن (...)' وذلك حين خرجت الى شرفة منزلي استطلع ما يجري في الشارع المجنون من تحتي!! فانسحبت مشتعلا بشيبتي التي جاوزت الخامسة والستين، اضرب رأسي بالحيطان، والوم نفسي للمرة الاولى في العمر – على ما جلبته لأمي على لسان اقذر الناس واحقر التقويم.

سماحة السيد القائد،
لو عاد 'المجاهد' الى ارشيف 'المنار'، او اي ارشيف آخر لرآني اجلس على لسان المنصة خلفك مباشرة في مهرجان يوم القدس. ولرآني وسط الدمار في مدينة بنت جبيل، ضمن وفد منبر الوحدة الوطنية، اشد على ايدي الرجال الابطال بعد اندحار العدو الاسرائيلي في حرب تموز المجيدة. ولوجدني في الضاحية الجنوبية فوق اطلال مبنى قناة 'المنار'، ضمن وفد آخر من منبر الوحدة الوطنية، استطلع ما فعلته الايدي الهمجية بالوسيلة الاعلامية. ولوجدني في حديقة الصنائع الى جانب دولة الرئيس سليم الحص واعضاء منبرنا الوطني، نتفقد احوال الناس على الفرش والحصر. ونستطلع حاجات اهلنا النازحين من الجنوب تحت الشمس الحارقة. ولو ذهب، هذا المفجوع باخلاقه والمفجوع انت به، الى بلدة عنقون الجنوبية، لوجد ان امي (...) – اطال الله في عمرها وعمر الثدي الذي ارضعني – تكنّى في قريتها، منذ خمسة وثمانين عاما، باسم الحاجة نجيبة احمد صالح كسروان. ولو تطلع الى بلدة المروانية، لوجد ان جدتي لامي هي المرحومة الحاجة فاطمة حسن هاشم حفيدة رسول الله.

سماحة السيد القائد،
اسارع الى القول، قبل ان يطرق ذهنك المقال: 'من لا يعرفك يجهلك'. فلأكن من اكون، ولتكن امي ما شاء لها الله ان تكون. ولو شاء لها واسقط رأسها في البازورية، لربما كانت امك. صحيح ان هذا الهاتك لرحم امي لا يعرف ان هذا الرحم حمل تسعة ذكور وخمس اناث، احداهن اختي الشيعية من زواج امي الاول. ولكنه يعرف جيدا مواقع قدميه. ويعرف جيدا انه يقف تحت شرفة معلقة في احد مباني رأس بيروت. وكنت على وشك ان اعزي نفسي بالقول: ان هذا المخلوق الجبان الذي يخفي وجهه اللئيم تحت اللثام، قد ضل طريقه الى السرايا الحكومية، التي صدرت منها القرارات، لولا ان رأيت برهان ربي وقذائفك الصاروخية ترسم امامي، بكل وضوح، ان الطريق الى الثلث الضامن يمر عبر كسر رأس بيروت، وعلى اجساد اهلي وابناء بلدي وانتهاك شرف امي، شريفة الاشراف، واشرف خلق الله، من طهران الى تطوان.
سماحة السيد القائد،
اعطني عذرا واحدا ابرر فيه لنفسي، دون سواي، سبب انتهاك حرمة اهلي وابناء بلدي وقتلهم وترويع اطفالهم في الليالي المظلمة. ودع لي بعد ذلك مهمة اقناعهم بتلقي الرصاص في صدورهم وجباههم كلما نويت الرد على سمير جعجع، وكلما قررت الانتقام من وليد جنبلاط او سعد الحريري. لكن أبدا، يا سماحة السيد، اي عذر من اعذار القرارات الحكومية الساقطة، والا فالى جهنم كل اقلامنا وكل المقدسات وكل القضايا وكل قضية وهوية. فنحن ابناء امنا، ولسنا ابناء (...) يا سماحة السيد القائد. وقد قضينا العمر ونذرنا الغالي والنفيس حتى لا تؤذينا بعوضة. وذبنا حبا وتقديسا لأمنا الكسروانية، وارتمينا خضوعا واذلالا وشمشمة لاقدامها الشيعية. فإن راقتك مقالتي فاسهر على تصحيح اخطائك، وان اغضبتك فسأعطيك مسدسي واقدم لك صدغي، دون مشقة البحث عني فوق الارصفة المذهبية.
بقلم بشير العمري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق