
هادي كركي: تزداد الهوّة إتساعاً بين قطبّي الثنائية الشيعيّة رئيس حركة "أمل" نبيه برّي وأمين عام "حزب الله" السيّد حسن نصرالله، مع اقتراب موعد الانتخابات، وسعي كلّ منهما لتحديد موقعه وحجمه داخل الطائفة الشيعيّة.
وبرز الخلاف بين الاثنين مؤخراً على خلفية الحصة المالية المقرّرة من إيران لصالح حركة "أمل"، والتي يقول برّي إنّه لم يتسلّمها وانّ "حزب الله" يقنّنها وفقاً لمعايير غير مفهومة ولا معروفة.
وهذا الأمر كان من الأسباب التي دفعت برّي إلى المشاركة في مؤتمر دعم غزّة في طهران. إذ أنّ هدفه الأبرز تمحور في لقاء المسؤولين الإيرانيين على عرض شكواه من "حزب الله".
ويقول برّي في مجالسه الخاصة أنّ "حزب الله" يريد خنق حركة "أمل" انتخابياً بعدما خنقها سياسياً وشعبياً من خلال تصعيد الخطاب الطائفي وجذب القاعدة الطائفيّة نحوه.
ويستغرب برّي ما سمّاه "حملة النظافة" الطارئة على "حزب الله"، في إشارة إلى تهجّم قاعدة الأخير على رئيس حركة "أمل" ونعته بـ"الفاسد" و"المرتشي"، فضلاً عن الكلام الذي يطاول مجلس الجنوب وسرقاته باسم التعويضات والمقاومة.
وغالباً ما يتطرّق رئيس الحركة إلى ما يسمّيه "طبخات" الحزب عبر السنترالات غير الشرعيّة التي كان يديرها من الضاحية الجنوبية، ورعايته للإخلاءات والتعويضات من صندوق المهجّرين. إذ كان الحزب ـ وبحسب برّي ـ يؤمّن أموالاً لمحازبيه وأنصاره من خلال دعم تعنّتهم وتمسّكهم بما يحتلّونه من عقارات لينالوا تعويضات أعلى.
والحملة التي يشنّها برّي على "حزب الله" جاءت بعدما بلغه أنّ الأخير يعمل على إضعافه في الانتخابات المقبلة، من خلال نيله أقل عدد أصوات ممكن.
وتتعاظم الشكوى من "حزب الله" وسلوكه في الجنوب والضاحية والبقاع، على خلفيّة محاولة فرض رأيه على الأرض بواسطة الهيمنة. ويشكو مواطنون كُثر من أنّ الحزب لا يوفّر لهم أي خدمات، وأنّ تقديماته مقصورة على محازبيه.
ويعيش الحزب حالياً مرحلة إرباك سياسي وأمني وشعبي. فعلى المستوى الأوّل، يقف حائراً أمام تبدّل المشهد بين الولايات المتحدة وسوريا، ويبدي الكثير من الشكوك حول نيّات دمشق وتعهّداتها التي قدّمتها إلى واشنطن لتضمن عودتها إلى المجتمع الدولي.
أما على المستوى الأمني، فإنّ شبكاته الأمنية ملاحَقة، وتشهد توتراً غير مسبوق جرّاء الخروقات الأمنية الإسرائيلية لقياداته، وهو ما حصل في الآونة الأخيرة مع "م.ف" في منطقة الجنوب والذي نجح بالقيام بمهام عدّة تتعلق تحديداً بمراقبة مراكز الحزب في الجنوب ومواقعه العسكرية.
وإلى ذلك، فإنّ "حزب الله" لم يفلح إلى الآن في ضبط القواعد الشعبيّة التي استنفرها بهواجس طائفية، خصوصاً بعدما أخذت الأصوات تتعالى متسائلة عن الأموال التي وعدهم بها نصرالله اثر حرب تموز عام 2006. كما أنّ هناك أسئلة عن سبب امتناع إيران عن تقديم أموال لبناء الجامعات والمستشفيات والمدارس والمصانع، وما إذا كان الجنوبيون فقط للموت من أجل الجمهورية الإسلامية وسوريا.
وأبدت القيادة الإيرانية انزعاجها من تعاظم الشكاوى ضدّ "حزب الله"، وضدّ نصرالله من داخل الحزب، علماً أنّها لا تثق ببرّي ولا بفريقه نظراً لما يحيط بهؤلاء من التباسات أخلاقية في المواضيع المالية والإدارية، فضلاً عن أنّ رئيس حركة "امل" وتنظيمه يُعتبران بالنسبة لإيران جهازاً تابعاً لاستخبارات النظام السوري.
ويُرجح أن تبادر إيران إلى إدارة الملف الشيعي في لبنان عبر جهاز الحرس الثوري وإدارته في بيروت، على أن يتخصّص فريق بكل من "حزب الله" و"أمل"، لتقطيع مرحلة الانتخابات النيابية، على أن يُصار بعدها إلى بحث الملف برمّته وإجراء تعديلات في الهرم القيادي وعلى مستوى عالٍ داخل "حزب الله".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق