أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 مارس 2009

دولة "حزب الله"

هادي كركي: أمسك "حزب الله" بقرار المناطق الشيعية وبالأخص الضاحية الجنوبية بعد معارك ضارية مع حركة "أمل"، عمد الحزب حينها إلى تعليق مشانق لمجموعات من هذه الحركة على بعض أشجار اقليم التفاح بقصد إرعاب الناس، ذلك عدا الاغتيالات التي تعرّض لها عدد من المقاومين لإسرائيل من كلّ الأفرقاء على أيدي مجموعات تابعة للحزب أطلقت على نفسها في ذلك الحين اسم "قوات الحسين الانتحارية"، ما أجبر معظم الاهالي من الطائفة الشيعية على الانضواء تحت عباءة الحزب خوفاً من بطشه الذي لم يرحم حينها لا القريب ولا البعيد، بل ليتعدّى ذلك ويصبح الدم داخل البيت الواحد بين الأخ وأخيه عبر الفتاوى الإيرانية التي أحلت إراقة دم الأشقاء فيما بينهم.

تأثر "حزب الله" بالفتاوى الإيرانية لدرجة أصبحت تحدد مصيره ومصير حياة عائلات أفراده لدرجة جعلت أمين عام الحزب حسن نصرالله الذي كان وقتها مسؤولاً تنفيذياً في الحزب، يصدر فتوى تحرم شقيقته من إعطاء كوب من الماء لأخيه حسين نصرالله الملقب بـ"جهاد الحسيني" الذي كان يخضع لعملية جراحية حرجة في مستشفى الجامعة الأميركية بعد اصابة بالغة تعرض لها في اثناء معارك أمل وحزب الله. والمعروف ان "جهاد الحسيني" هو مسؤول حركة امل في الشياح.

هذه الفتاوى الجائرة جعلت من قلوب هؤلاء الشباب قاسية إلى حد أصبح العنصر منهم يكفر اهله وينعتهم بأبشع النعوت في حال لم يلتزموا فتاوى إيران، كما عمد حسن نصرالله في تلك الفترة إلى إعدام خمسة من عناصر "أمل" على طريق المطار بعد أن أقام الحزب حاجزاً طياراً على مقربة من جامع الرسول الأعظم حالياً.

ثم إن هناك العديد من ضعفاء النفوس الذين وجدوا ضالتهم في هذا الحزب الذي سمحت لهم سيطرته الكاملة على الضاحية بإنشاء المباني والدكاكين غير المرخصة وغير الشرعية ليتحوّل معظم هؤلاء الناس وبسرعة البرق من مستضعفين إلى أصحاب عقارات ومؤسسات وأيضاً أصحاب انتصارات وهمية بدءاً من انتصارهم على حركة "أمل" حتى اجتياح العاصمة بيروت في ايار 2009.

واستطاع الحزب طوال السنوات الماضية حتى الآن استحداث قوانين خاصة به مثل عدم جواز وضع الموسيقى خلال الحفلات أو الأعراس في مناطق نفوذه حيث يضطر هؤلاء في معظم الأحيان إلى إقامة حفلاتهم خارج المناطق التي يسيطر عليها الحزب، كما يمنع الحزب معظم الدكاكين من إدخال مواد غذائية معينة إلى الضاحية ما لم يكن له حصة الأسد فيها من ضرائب أو ما شابه، وأخيراً منعت شركة للمرطبات من توزيع منتجاتها داخل الضاحية بسبب عدم دفع الخوة لهذا الحزب، ليعود ويسوّى الأمر في ما بعد لأنه وكما هو معروف فإن هذه المنطقة تستهلك أكبر عدد من المواد الغذائية.

كما عمد الحزب إلى جعل السكان يتوجسّون خيفة من الإقبال على أي نوع من الطعام من دون التيقن انه متمم للشروط الشرعية التي تحل أكله بمنظوره، وهذا ما جعل من شهادات الحلال التي يصدرها الخامنئي عبر وكلائه في لبنان ضرورية للمطاعم التي تسعى للحصول عليها قبل الحصول على تراخيص وزارة الصحة ضمن المناطق التي تخضع لسيطرة الحزب، والكثير من تلك المطاعم تسعى للحصول على تلك الشهادات حتى أمست شرطاً من شروط إقبال جماعات الحزب عليها.

ويعود صمت التجار هناك عن تلك الأمور خوفاً من إثارة الشبهات حول أعمالهم، فالحزب يستطيع أن يفبرك اموراً عدة تضطرهم لإقفال محالهم، وليس أدل من حال السكوت هذه لدى سكان الضاحية والاستجابة لضغوط "حزب الله" سوى تلك الأعداد الغفيرة التي تقبل على مشايخ الحزب تستفتيهم في أمور عدة وقضايا يعود الاختصاص فيها للقضاء المدني وحده كحوادث السير أو النزاع على الملكية، حتى ان هؤلاء المشايخ يفتون في كثير من الأحيان بجواز سرقة كهرباء الدولة تحت حجّة هدر حقوقهم لأنهم شيعة.

وبات الحزب قاب قوسين أو أدنى من تحقيق دولته الخاصة حيث أصبح يسيطر على مؤسسات الدولة في ظل غيابها إلى جانب مؤسساته الخاصة من مستشفيات وشركات للاعمار وسنترالات لم يعد باطن الأرض يسعها لترتفع وتعانق الأعمدة والأبنية، حتى ان هذه الأسلاك تمر من منزل إلى آخر في بعض الأحيان، كما ان لديه مؤسسات تربوية تتبع المنهج الايراني في تعاليمها، وجعلت من التلامذة يتعرفون على زواريب المدن الايرانية حتى دون زيارتها.

كل هذه الامور تحدث بالتوازي مع ازدياد السلاح الايراني لدى الحزب بما يفوق سلاح الجيش اللبناني بمرات عدة، ليطل علينا أخيراً الأمين العام مبشراً بامتلاكه منظومة صواريخ جوية.

وهكذا ومع هذا الوضع المخيف، بات اللبناني ينتظر سماحته ليطل في المرة المقبلة معلناً دولة "حزب الله".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق