ضغوط كبيرة مورست في الفترة الأخيرة من أجل إطلاق سراح الضباط الأربعة (جميل السيد، ريمون عازار، علي الحاج ومصطفى حمدان) المتهمين في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكن بغض النظر عن تورطهم أم لا يكفي إلقاء نظرة على مآثرهم طوال فترة حكم السوريين للبنان ليعرف عندها القاصي والداني أنها ليست الجريمة الأولى وربما ليست الأخيرة حتى وهم في زنازينهم.
من اعمال السيد وعازار: فبركة تهمة الاتصال بالعدو للسيد حسن هاشم احد ابرز قادة حركة "امل" قبل انشقاقه عن رئيس مجلس النواب بري في العام1986 (وبمعرفة بري او سكوته) وبطلب من اللواء غازي كنعان، والسبب يتعلق بهجوم هاشم الدائم في مجالسه الخاصة على الوصاية السورية وعلى كنعان تحديدا، وهو كان يظن انه مدعوم من اللواء محمد ناصيف (الذي يكره نبيه بري) وان لا احد سيطاله. فوقع ضحية صراع الاجهزة السورية وهو كان ترشّح مرتين للانتخابات النيابية في الجنوب وله قاعدة ومصداقية في صفوف حركة امل وامضى 3 سنوات في السجن وخرج في حالة صحية مزرية.
وكذلك فبركة ملف كنيسة سيّدة النجاة التي ألصقت برئيس الهيئة التنفيذية في القوات سمير جعجع. وقصف تلفزيون المستقبل بالصواريخ وبأوامر مباشرة من إميل لحود شخصيا، ولم تعرف اية نتائج حول التحقيق بالحادث لا بل انه لم يعد يذكر اصلا.
كان السيد رجل إميل لحود والعميد غزاله وابرز اداة امنية - استخباراتية في لبنان. ولمع نجمه حين كلّف بمفاوضة سمير جعجع ثم اعتقاله بعد مجزرة سيدة النجاة وله تصريح شهير في ديسمبر من العام 2001 حين سأله الصحفي نقولا ناصيف (المحلل السياسي والمحرر لمقالات الصفحة 2 في جريدة النهار اللبنانية) كيف سيتعامل مع المعارضة المسيحية التي تصاعدت بعد بيان المطارنة الموارنة في ايلول 2000 وبعد اعتقالات 7 و 9 اّب 2001 واغلاق محطة تلفزيون "ام تي في" فقال يومها: "هم يعرفون ان المسألة لا تكلف سوى سيّدة نجاة اخرى ونخلق حالة امنية ونضبهّم كلهم في السجن!!! وذكر هذا الكلام النائب السابق فارس سعيد في عدة مداخلات له في البرلمان من دون ان يصدر اي كلام رسمي او شخصي يوضح او يكذّب الخبر. وكلام السيد موجود وموثّق في جريدة النهار وفي خطابات النائب سعيّد في البرلمان.
اما القصة الاخرى المرعبة فهي قصة الضنية وننقلها هنا كما رواها احد الهاربين الطرابلسيين من معتقلات المخابرات السورية: "في خريف و شتاء 1999 القت المخابرات المشتركة اللبنانية - السورية قنابل ومتفجرات امام الكنائس المسيحية في طرابلس ثم قامت بعدها بحملة اعتقالات واسعة طالت عشرات الشباب في المدينة واخضعوا للتعذيب. وذهب بعض الذين اطلق سراحهم الى جبال منطقة الضنيّة حيث اندس بينهم عدد من العاملين مع المخابرات.
وعشية رأس السنة اول يوم من العام 2000 (وكان ذلك اثناء شهر رمضان) حصل اشتباك بين مجموعة من هؤلاء الشباب كانت في مبنى اذاعة تابعة لحركة سلفية طرابلسية لا يعرف عنها سوى الدعوة السلمية ودورية للجيش ظهرت فجأة في المنطقة!!!! جرى بعدها اخذ الضابط النقيب قائد الدورية رهينة من قبل المجموعة، وذلك بهدف الخروج من المنطقة. يومها فاوض الضابط المجموعة التي تحتجزه واقنعها بالاستسلام ووعدها بالامان والعفو نظرا لمعرفته بانها لم تكن تنوي الاشتباك او القتال مع الجيش.
وحين اتصل بمسؤوليه جاءه الرد من اللواء السيد والعميد عازار ومن الرئيس لحود شخصيا أوامر بالقصف المدفعي العنيف الذي طاول عشرات القرى والمزارع والحقول في المنطقة، ثم ترّكز القصف على المنزل الذي كان فيه الضابط ومحتجزيه فقتل هو ومن معه. ومن بقي حيا مصابا جرى الاجهاز عليه بامر القيادة التي كانت لا تريد اي شاهد".
وعملت المخابرات لاحقا على تجييش اهالي الضابط والجنود القتلى بحجة ان شبان الضنية "ذبحوا" الضابط الشهيد.
أما العميد مصطفى حمدان قائد الحرس الجمهوري هو ابن شقيقة ابراهيم قليلات قائد "المرابطون" ايام الحرب الاهلية الذي هرب الى ايطاليا حيث لا يزال يعيش هناك اثر معارك دموية مع حركة امل في العام 1985.
عمل حمدان الممسك بورقة الشبكات البيروتية السنية على اعادة تنظيم "المرابطون" (من دون موافقة او دعم قليلات) كجهاز مخابراتي يخترق الشارع البيروتي بشعارات تعود الى الحرب الاهلية، وجرى "تفريخ" حوالي خمس تنظيمات ناصرية بيروتية باسم "المرابطون" تتبع مباشرة له اضافة الى التنظيم الناصري الليبي الذي يرأسه عبد الرحيم مراد.
أما اللواء علي الحاج الضابط المرافق للرئيس الشهيد الحريري والمكلّف بحمايته الشخصية الذي اغدق عليه الشهيد الحريري كل عطفه ودعمه فكان الجزاء من هذا "الشهم" انه كان ينقل الى السوريين ادق التفاصيل المتعلقة بتحركات ولقاءات الحريري. وحين اكتشف امره لم يفعل الحريري سوى طلب نقله الى البقاع كقائد للمنطقة. وما ان جاء عمر كرامي وسليمان فرنجية حتى عينّاه مديرا عاما للامن الداخلي.
هذا غيض من فيض مآثر الضباط الأربعة وإنجازاتهم والباقي يعرفه اللبناني عن كثب ويكفي التذكير فقط بأسماء بعض الفضائح (إعتقال وضرب الطلاب في 7 آب وغيره، إغلاق قناة "الأم تي في"، بنك المدينة، التنصت، الإمساك بالقضاء والأمن والتدخل السافر في السياسة...) حتى تعود ذاكرة اللبناني الى هذه الحقبة السوداء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق