هادي كركي :وسّع "حزب الله" قدرته العسكرية وبات يشكل خطرا على ذاته، خصوصا بعد عدوان تموز 2006 حين ضاعف عديده وعتاده ترقبا لأي حرب دموية مقبلة مع اسرائيل، وفتح باب التطوع في صفوفه وارسل عشرات المئات من الشبان الى معسكرات تدريب في لبنان وسوريا وايران لاعداد مقاتلين شرسين تحسبا لحرب قريبة.
وجمع الحزب كوادره الجديدة وعناصره الشرسة تحت ستار ما يعرف بسرايا دعم المقاومة التي أنشأها، من شتات عصابات المخدرات والمرتزقة والخارجين عن القانون وأجرى لهم دورات تدريبية سريعة في بعض المدارس في الضاحية، ثم وزع عليهم السلاح وأمّن لهم رواتب شهرية، ووكل محامين (أحدهم من آل طراف) للدفاع عن المتهمين منهم بعمليات سرقة أو الاتجار أو تعاطي المخدرات للدفاع عنهم، وأصدر أحد معمميه "فتوى شرعية" للسماح للتجار والمتعاطين أن يظلوا على عاداتهم في حال لم يقتنعوا بتغييرها لعلة ما.
ولا يخفى على أحد أن "حزب الله" الذي سعى منذ تأسيسه في بداية ثمانينيات القرن الماضي الى السيطرة على قرار الطائفة الشيعية في لبنان فحقق مبتغاه مستفيدا من مجموعة قضايا ساهمت في احكام قبضته.
وجند "حزب الله" المزيد من أبناء هذه الطائفة وخصوصاً غير المتدينين والذين لا يتبعون المرشد الإيراني علي الخميني عبر إنشاء "السرايا" لتكون مظلة لضمهم والإستفادة منهم، وأقلع عن سياسة انتقاء الكوادر وفتح باب التفرغ والتعاقد في صفوفه دون التأكد من هوية المنتسبين، لأن همّه الوحيد بعد حرب تموز كان استيعاب معظم الشباب (الشيعي) وتأطيرهم مقابل مبالغ مالية شهرية اضافة الى بعض الضمانات الاجتماعية.
وسمحت هذه السياسة المستجدة لعشرات الشباب العاطلين عن العمل وغير الملتزمين دينيا بالدخول الى صفوف الحزب، الأمر الذي خلق مشكلة كبيرة في ضاحية بيروت الجنوبية، خصوصا أن أكثرية المنتسبين والمتطوعين والمتفرغين أصبحوا يخدمون في هذه المنطقة تحضيرا لـ7 أيار وما بعده.
وأخطر ما تفشى في هذه المنطقة هي عصابات الفتيان والشبان الذين لا يتجاوزون العشرين عاما ويشكلون عصابات منظمة على طريقة عصابات المافيا لها رئيس مشرف عليها ومساعدون له.
ويستفيد هؤلاء المرتزقة من الحصانة التي يفرضها الحزب في ميدانه (الضاحية) لذلك برز مؤخراً عدد كبير من الإشكالات مع دوريات لقوى الأمن أو مع آخرين لأن الحزب فقد سيطرته على هؤلاء الشبان.
وتعتبر غزوة بيروت التي قام بها الحزب العام المنصرم الحقل الميداني التدريبي الأكبر لهؤلاء المرتزقة، وخصوصاً بعد "فلتان الملق" أكثر من مرة خلال هذه الغزوة، إضافة الى الإشتباكات المتنقلة التي برزت مؤخراً بين حركة "أمل" وسرايا "حزب الله" وبين الأخيرة والجيش بما يشير الى مهمة اضافية لهذه السرايا وهي مواجهة الجيش الوطني وارهاقه واستنزافه وتقويض مظاهر الأمن المركزي ومقومات الدولة، إن على مستوى مخالفة القوانين أو على مستوى التعدّي على الامن الاجتماعي، لتخلو الساحة لـ"حزب الله".
واثبتت "الفوضى البناءة" التي ينتهجها الحزب عبر سراياه حضورا وقوة يصعب على الكثيرين توقع انحسارها في وقت قريب، بل من الممكن أن تتعاظم في اكثر من منطقة او حي داخل الضاحية الجنوبية ومن الممكن أن "ينقلب السحر على الساحر".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق