"سيمون أبو فاضل من جريدة الديار"
لم يمرّ قرار رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون ترشيح نائب رئيس الحكومة اللواء عصام ابو جمرة عن المقعد الارثوذكسي في دائرة بيروت الاولى دون مفاعيل واهتزازات داخل صفوف التيار وقياداته.
ومن التداعيات الداخلية التي تم تطويقها بعد توسط قيادات في قوى 8 آذار وبينهم قياديون في "حزب الله" بين النائب ميشال عون والقيادي زياد عبس، إقناع الأخير بعدم اعلان الانفصال عن التيار في موقف علني والاكتفاء بالمغادرة الى الخارج بصمت، بعد ان اعتبر المهندس عبس ان ترشيح ابو جمرة يشكل طعنة مباشرة له في ظهره بعد الجهد الذي بذله كمرشح عن دائرة بيروت الاولى استعداداًَ وتحضيراً للانتخابات النيابية.
أما في ما خصّ التداعيات الواضحة، فقد أتى إبعاد ابو جمرة عن الترشح في منطقة مرجعيون وكأنه بمثابة طرد له من قبل الحزب السوري القومي الاجتماعي، ما شكل حول ترشح أبو جمرة في الأشرفية حالة من الرفض الجامع من قبل ابناء وناخبي الدائرة الاولى في بيروت المتعاطفين مع المرشحة نائلة تويني، والمؤيدين لها في حملها رسالة والدها الشهيد جبران تويني، وقد بدت حالة الرفض الشعبية واضحة للواء ابو جمرة ولترشحه عن هذه الدائرة من خلال تحفظ او تهرب المرشحين مسعود الاشقر ونيكولا صحناوي من مرافقته في جولاته الانتخابية او اشراكهما له في بعض تحركاتهما، خصوصا ان معالم المواجهة بين المرشحين ابو جمرة وتويني بدأت تتكشف بعد انسحاب المحامي ميشال تويني لصالح الانسة نائلة تويني اثر دخول رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن على خط دوزنة هذا الانسحاب الذي سيعزز اكثر فارق اصوات تويني على ابو جمرة.
لكن التداعيات التي قد تخرج الى العلن يوماً، تبدأ من اكتشاف نائب رئيس الحكومة اللواء ابو جمرة كما ينقل عنه زواره ومقربون منه، أبعاد قرار ترشيحه في الدائرة الاولى، بعد ما تبيّن ان ثمة "قطبة مخفية" في هذا القرار تكمن في السعي لحرقه من قبل القيادي في التيار الوطني الوزير جبران باسيل، في خطوة تهدف إلى قطع الطريق عليه امام اي دور مستقبلي له في قيادة التيار، اذ ان اللواء ابو جمرة كان احد القياديين الذين ابدوا تحفظهم من كلام النائب عون لدى توصيفه صهره الوزير باسيل بأنه قدم تضحيات ويمتلك قدرة وطاقة غير متوفرة لدى قيادات اخرى في التيار محيطة به، فيومها لجأ ابو جمرة الى الاعتكاف وقاد حملة معارضة ضد النائب عون تم تطويقها لاحقاً بعدما بدأت تتكوكب حول ابو جمرة القيادات الرافضة لمنطق تحويل التيار الوطني الحر الى "تيار عائلي حر".
وبذلك فإن نائب رئيس الحكومة ابو جمرة وكما يتابع زواره، يجد أنه قد خدع من خلال ترشيحه في دائرة لن يفوز فيها، وبعدها ستقطع عليه طريق الدخول الى الحكومة، في حين كان يفضل استناداً الى حسابات الربح التي تعدها مكاتب الاحصاء الخاصة بالتيار الوطني الحر، ان يبقى خارج حلبة الترشيح.
وما يرفع من عصبية اللواء ابو جمرة امام زواره، ما يتناهى اليه عن رغبة لدى النائب عون بعدم ترشيح الوزير جبران باسيل عن دائرة البترون في ظل تقدم قوى 14 آذار انتخابياً، وهو الامر الذي حدا بالنائب عون في اجتماع التكتل ما قبل الاخير، إلى التذكير بمطالبة التيار بفصل النيابة عن الوزارة محضرا بذلك القرار لعدم الترشيح في الاشرفية، وبذلك فإن النائب عون يحضر لتمهيد طريق زعامة التيار الوطني الحر للوزير باسيل، بعدما استهلك رصيد القيادات اسوة بالعميد المتقاعد فايز كرم الذي تم التفاهم على إبعاده انطلاقاً من تبرير الإبعاد بالخصوصية المناطقية التي لا تسمح بترشيح احد افراد العائلة في ظل رغبة «البيك» بالترشح.
ولأن العماد عون يسعى للتحضير لنتائج الخسارة اذا استطاعت القوى المسيحية في 14 آذار تنظيم صفوفها وتجاوز التهافت على المقاعد والفشل في تنمية صفوف هذه القوى في اطارها المسيحي، فإنه يحضر منذ اليوم لتحميل مسؤولية الخسارة للقيادات الحالية، ومنتقلاً بعد الانتخابات بنتائجها السلبية عليه لعقد مؤتمر عام يتم خلاله تنظيم هيكلة التيار وفق معايير جديدة، استنادا الى تطلعات الوزير باسيل وأفكاره السياسية.
ولكن التسليم منذ اليوم بفوز تحالف قوى 14 آذار الذي يضم لغاية الآن عن الدائرة الاولى، النائبين ميشال فرعون وسيرج طورسركيسيان والانسة نائلة تويني والمحامي نديم الجميل والذي سيستكمل بمقعد ارمني ثان، لا يعني أن قوى 14 آذار المسيحية جاهزة للفوز في حال لم تلجأ الى تنظيم صفوفها داخل فريقها المسيحي، اسوة بالمشهد الاولي والنهائي للدائرة الاولى حيث القواعد الشعبية منذ اليوم قادرة على التحرك معاً وفي اتجاه واضح. وهذا ما يتطلب انسحابه على كلّ الدوائر الموزعة فيها هذه القوى المسيحية وأحزابها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق